
معمل دليس في سيدي بوزيد، تميز تقني، ودور تنموي وبيئي فريد
مصنع الحليب ببلدة لسودة من ولاية سيدي بوزيد ليس مصنعا عاديا, ومن الاجحاف في حق مجمع ديليس دانون قول ذلك، اذ تعتمد هذه الوحدة الصناعية على تكنولوجيا متطورة جدا لانتاج الالبان والعصائر بمختلف انواعها وفي طليعتها حليب دليس ذو الجودة العالية والقيمة غذائية الهائلة، وهو سبب تميٌز منتوجات دليس وتفرّدها.
تزامن بعث هذا المشروع الضخم مع ما شهدته البلاد في سنة 2011 من ثورة شعبية عارمة طالبت بالتشغيل وبالتنمية الجهوية، فكان مجمع دليس دانون اولى المؤسسات الوطنية التي استثمرت في هذين المطلبين واختارت ولاية سيدي بوزيد لاستثمار أكثر من 150 مليون دينار في مشروع يوفر اليوم أكثر من 350 موطن شغل مباشر، وٱلاف اخرى بشكل غير مباشر. و ساهم هذا المشروع الضخم في رفع المعاناة على ٱلاف المربين في كامل ولايات الوسط الغربي والشرقي، اذ قلّص هذا المصنع المسافات على الفلاحين من مربيي الماشية وقرّب اليهم وخدات استقبال وتجميع وتحويل وتصنيع الحليب، ساهم في الرفع من مداخيليهم.
ويعتمد مجمع ديليس دانون في تصنيع منتجاته على سياسة صارمة حيث تخضع كل مراحل الانتاج الى مراقبة دقيقة بحسب المواصفات المطلوبة في كل مرحلة من مراحل الانتاج، فبدءا بالدخول الى المصنع حيث يتم قبول الحليب ثم تحليله في المخبر الداخلي للمصنع الى مرحلة الشروع في التصنيع، تخضع كل مرحلة من هذه المراحل الى معايير دقيقة تنتهي بالحصول على شهادة مسندة من اكبر المخابر العالمية المختصة في المواصفات.
1- هنا يتخل نبيل
تقوم شاحنات الصهاريج بتجميع الحليب من مزارع الألبان خلال ساعات، ولكن قبل ضخّه في سلاسل الانتاح يتناول احد الفنيين عينةً من الحليب المجمّع، ليتم فحص نكهتها ودرجة حرارتها ومدى مطابقتها للمواصفات وذلك في المختبر الداخلي للمصنع قبل ان تُضخ الكمية في مصنع معالجة الحليب. أما الخطوة الأخيرة من هذه المرحلة، فيتمّ فيها وزن الحليب الموجود في الشاحنة ويُضخّ في خزانات مُبرّدة في المصنع بواسطة خراطيم مرنة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ أو البلاستيك الغذائي.
ويمرّ الحليب الخام البارد إما من خلال مصفاة أو أداة فصل، حيث يجري تدوير الحليب في سلسلة من الأقراص المخروطية داخل حاوية، وتكمن أهمية المصفاة في قيامها بتصفية الحليب من الشوائب والبكتيريا، وأيّة رواسب أخرى قد تكون موجودةً داخله. وتجدر الإشارة إلى أن أداة الفصل تؤدي نفس مهمة المصفاة، لكنّها تفصل أيضًا دهون الحليب الأثقل عن الحليب الخفيف، وذلك لإنتاج مشتقات أخرى مثل الكريمة والحليب الخالي من الدسم. كما يُستخدَم جهاز التصفية المعياري الذي يُنظّم كمية محتوى الدهون في الحليب عن طريق إزالة الدهون الزائدة منه فقط، إذ تُسحَب تلك الدهون الزائدة وتُعالج لتصبح كريمة أو زبدة.
2- تدخل نبيل
تُستخدم في بعض الحالات مضخة خاصة لإضافة بعض الفيتامينات إلى الحليب، مثل فيتامين أ وفيتامين د، إذ تُوزّع الكمية والتركيز المناسب من تلك الفيتامينات خلال تدفق الحليب.
تاتي بعد ذلك مرحلة البسترة حيث يضخّ الحليب سواءً كان كامل الدسم أو خالي الدسم أو حتى الحليب كامل الدسم داخل جهاز بسترة، وذلك للتخلص من البكتيريا. وتجدر الإشارة إلى أنه تتوفر عدة طرق يمكن اتباعها لبسترة الحليب، و لكن مجمع دليس حفاظا على الجودة والقيمة الغذائية لمنتجاته اختار طريقة تسخين الحليب على درجة حرارة مرتفعة ولوقت قصير أثناء تدفقه عبر جهاز البسترة باستمرار، في هذه المرحلة يُسخّن الحليب لمدة 15 ثانية على درجة حرارة تصل إلى 72 درجة مئوية.
وفي مرحلة التجانس، يتجانَس معظم الحليب لتقليل حجم جزيئيات دهن الحليب المتبقية، وتكمن أهمية هذه الخطوة في منع دهن الحليب من الانفصال والطفو على السطح كقشدة، كما أنّها تضمن توزيع الدهون بالتساوي في الحليب، ويحدث التجانس من خلال ضغط الحليب الساخن من جهاز البسترة بواسطة مضخة متعددة الإسطوانات، ثم يُدفَع عبر ممرات صغيرة جدًا في صمام قابل للتعديل، وهو ما يؤدي إلى تكسير جزيئات الدهون الموجودة في الحليب إلى الحجم المناسب، بعد ذلك يُبرّد الحليب بسرعة إلى درجة حرارة 4.4 درجة مائوية، حتى لا يؤثر التجانس على مذاقه.
و يُحرّك الحليب تحت ضغط معتدل عبر غشاء، الأمر الذي يعيق البروتين والدهون وكمية كبيرة من مركبات الكالسيوم، في حين يمرّ الماء واللاكتوز (السكر الموجود في الحليب) تاركين وراءهما منتجًا غنيًا بالبروتين والكالسيوم، إذ يُعدّل محتوى الدهون في هذا المنتج حسب حاجة المستهلك.
يتم اثرها التجفيف بالرش لانتاج الحليب المجفف المعد للتصدير اذ يُزال الماء من الحليب السائل مع الحفاظ على قيمته الغذائية كما هي.
3- تدخل نبيل
و تُعدّ مرحلة التعبئة والتغليف الأخيرة في مراحل تصنيع الحليب، إذ يُضخّ في علب ورقية أو قوارير بلاستيكية مغلّفة بإحكام. وتجدر الاشارة ان قارورة حليب ديليس ليست مثل غيرها من القوارير المستعملة في البلاد التونسية، فهي مصنعة بالكامل في وحدة انتاج الحليب بسيدي بوزيد اضافة، الى ان طريقة تعقيمها تعد ثورية اذ يعقم الحليب منفصلا عن القارورة بما يضمن حماية الحليب من امتصاص شوائب البلاستيك المضرة بصحة الانسان. ثم تُختم تلك القوارير أو العلب بتاريخ الإنتاج، ثم تُوضع كل 10 علب في حاوية شحن واقية وتُحفَظ في الثلاجة، ثم تُشحَن إلى مستودعات التوزيع في مقطورات مبردة، ليجري توزيعها إلى الأسواق والمحال وتخزينها مُبرّدةً.
4 تدخل نبيل
و تبلغ طاقة استيعاب المصنع 600 الف لتر حليب يوميا يوفرها الٱلاف من مربي ولايات الوسط التونسي. كما تبلغ طاقة تخزين المصنع 17 مليون لتر من الحليب.
وأولى مجمع دليس دانون اهمية بالغة الى البيئة و المحيط حيث ينتج المصنع ماءه الخاص و تقوم محطة تطهير المياه الخاصة بالمصنع برسكلة المياه المستعملة كما يعتمد المصنع على الطاقات المتجدّدة لانتاج جزء من الطاقة التي يستهلكها المصنع و تسخين الماء.
و يعد هذا المشروع نموذجا للاقتصاد التضامني حيث اولى اهمية قصوى لراحة العملة و الاعوان و الموظفين و الفنيين و المهندسين اذ يحتكم المصنع على نزل و مطعم و ملعب للأنشطة الرياضية. فيما يقوم مجمع دليس بتمويل عديد المشاريع الثقافية و الرياضية في ولايات سيدي بوزيد اضافة الى صيانة المدارس و ترميم المساجد في منوال تنموي متكامل و منسجم مع بيئته الطبيعية.