
شهدت ولاية قابس يوم امس حالة من الغضب و الاحتقان على خلفية حادثة اصابة عدد من تلاميذ المدرسة الاعدادية بشط السلام بحالات اختناق بسبب انباعاثات غازية ناجمة عن نشاط المجمع الكيميائي بالمنطقة
القوابسية و بدعوى من ناشطي “أوقفوا التلوث”” تجمعوا يوم امس امام مقر ادراة المجمع الكيميائي بقابس و طالبو بضرورة ايقاف نشاطه الفورية خاصة ان حالات الاختناق اليومية و تفشي الامراض الخطيرة وخاصة المتعلقة منها بالجهاز التنفسي اصبح امرا مفزعا
قوابسية اختنقوا فرحلو !
هذا ما اكده عدد كبير من المشاركين في شهادات حية وثقوها في مواقع التواصل الاجتماعي اكدوا ان الوضع البيئي الكارثي بالجهة اجبر عددا كبيرا من القوابسية على الرحيل عدى ان عددا كبيرا من المنتفعين بالقطاع الفلاحي و الصيد البحري تضررو كثيرا بسبب تلوث البيئة , الغراسات لم تعد تنمو في واحة قابس و اسماك الخليج اصبحت سببا في حالات تسمم و امراض سرطانية خطيرة
هل نحن امام كارثة بيئية في قابس ؟
لنعلم قبل كل شيئ ان تاريخ تاسيس المجمع الكيميائي التونسي لسنة 1947 مع تأسيس الشركة الصناعية للحامض الفوسفوري والأسمدة SIAPE في صفاقس، الذي انطلقت في العام 1952 في صناعة ثلاثي الفسفاط الرفيع
وفي سنوات السبعينات والثمانينات واصلت تونس الاستثمار في وحدات الإنتاج، خاصة مع إنشاء أول مصنع في قابس سنة 1972 بإسم الصناعات الكيميائية المغاربية ICM والمتخصص في إنتاج الحامض الفوسفوري.
وفي سنة 1979 تم بعث مصنع “الداب” بقابس تحت اسم الشركة العربية للأسمدة الفسفاطية والآزوتية SAEPA، ليتواصل تركيز المصانع في قابس، بإضافة مصنع جديد لانتاج سماد الداب تحت اسم أسمدة قابس EG سنة 1985.
أما اليوم فتعد المنطقة الصناعية في غنوش من ولاية قابس أكبر منصة إنتاج تابعة للمجمع الكيميائي التونسي حيث تتواجد مجموعة من المصانع المتخصصة في الصناعات الكيميائية، وهي مصنع الحامض الفوسفوري ويضم ثلاث وحدات إنتاج للحامض الفوسفوري والفسفاط العلفي. إضافة إلى مصنعي الداب “أ” والداب “ب” لإنتاج الحامض الفوسفوري وفسفاط الأمونيا، كما نجد في قابس أيضا مصنع الأمونيتر.
هذه الوحدات المصنعية التي تنشط في مجالات الصناعات الكيمائية للبيئة تعد للاسف وحدة انتاج للموت لان نشاطها داخل مناطق سكنية يمثل تهديدا خطيرا على البيئة و على حياة المتساكنين فهي تعتبر مصدرا لانبعاث غازات سامة تؤثر على الارض والحيوان و الانسان على حد السواء
وهي منحصرة حسب درجة خطورتها في : الفوسفات، وأول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد النيتروجين، والكلور. ترتبط هذه الانبعاثات بشكل أساسي بالأنشطة الكيميائية المتعلقة بصناعة الفوسفات، وتحديدًا في وحدات إنتاج حمض الفوسفوريك ورباعي الفوسفات من الأمونيوم، التي تتطلب عمليات كيميائية تنتج هذه الغازات الخطرة
حق الحياة للقوابسية !
القوابسية تحركو سابقا على مدى العشرة سنوات الاخيرة التي رافقت التغيرات السياسية في تونس و ضغطوا على كل الحكومات و القيادات السياسية التي مرت لينجحوا في نزع اعتراف مجلس وازري سنة 2017 يقضي بضرورة ايقاف نشاط المجمع الذي اصبح كارثة بيئية محيرة في قابس
الا ان القرار بقي رهين مجلس الوزراء و لم يتم تنفيذه من قبل من يسهرون على تطبيق القانون
هل يمكن انقاذ الوضع دون التخلي عن الانتاجية ؟
يرى جزء كبير من الجمهور ان مطالب اهالي الجهة في ايقاف النشاط يتعارض مع مصالح البلاد الاقتصادية و يضر بقطاع هام يساهم في دفع عجلة الاقتصاد و يسهم في تشغيل يد عاملة و ان ايقاف مجمع كميائي على ملك الدولة التونسية يعتبر ضربة موجعة للبناء الاقتصادي الذي يامل فيه التونسيون مع التحسن الطفيف في مؤشر التنمية و تراجع نسبة التداين العامة بالبلاد الا ان هذا الراي يتجاهل و ينفي وجود حلول اخرى بديلة تسمح بالحفاظ على الانتاج مع فرض بروتوكولات صارمة للحفاظ على البيئة و الانسان و على حق القوابسية و التوانسة بصفة عامة في حياة تحفظ حقهم في الصحة
هذا المجمع وفي تصور اولي يمكن ان يوجد اذا تم بناءه بمنطقة بعيدة عن السكان مع اقامة بروتوكول صارم لحماية البيئة و حماية كل شبر من التراب التونسي من مخاطر التلوث
الثوابسية اكدوا في تحركهم الاخير اصرارهم على انقاذ جهتهم من الموت المحتم و طالبو رئيس الجمهورية بالتدخل العاجل و الفوري لصالحهم و لصالح مستقبل قابس البيئي و الصحي
رئاسة تحرير الخبر التونسية