يبقى اسم المهندس الفلاحي السيد حسن المرداسي واحدًا من أبرز الكفاءات الوطنية التي أنجبتها ولاية جندوبة، فقد جمع بين صرامة التسيير، ورؤية التطوير، وصدق الالتزام بالخدمة العامة. تخرّج من المعهد العالي للفلاحة ليشُقّ طريقه بثبات ضمن جيل من الإطارات التي راهنت عليها الدولة في سنوات البناء الأولى بعد الاستقلال.
برز اسمه منذ سبعينات القرن الماضي عندما تولّى رئاسة الإدارة الجهوية للوحدات الإنتاجية الفلاحية، وهي منظومة كبرى كانت تضم 21 وحدة إنتاجية موزّعة على ضيعات: الهادئ خليل، المرجى 1 و2 و4، بوزيد ببوسالم، بركات، حكيم، الجمامزة، التطور، بدرونة، الكدية… وهي ضيعات كانت تحت تصرّف الاستعمار الفرنسي قبل الاستقلال.
وقد نجح السيد حسن المرداسي في إعادة تنظيم هذه الوحدات وتعصيرها، من خلال إدخال تجهيزات وآليات فلاحية حديثة، وتطوير طرق الإنتاج، وحسن استغلال الموارد البشرية التي كانت تحت إشراف إطارات متخرجة من المعهد العالي للفلاحة. وأسهم هذا العمل في تحسين الإنتاج الفلاحي بشكل ملحوظ، وتحقيق مرابيح هامة تم توزيعها على العمال، في تجربة اجتماعية وفلاحية تُعدّ نموذجًا في تلك الحقبة.
وفي الثمانينات، واصل السيد حسن المرداسي نشاطه و حضوره عندما ترأس بلدية جندوبة، حيث حقق نتائج بارزة في مجال البنية الأساسية. فقد توسعت شبكة الطرقات، وتم دعم شبكة الماء الصالح للشرب، وتحسين التنوير العمومي، إضافة إلى العناية بالحدائق والمساحات الخضراء وتنظيم حركة المرور عبر تخصيص محطات خاصة بالنقل الريفي.
ولم يقتصر عمله على المرافق البلدية الأساسية، بل سعى كذلك إلى تعزيز الفضاءات الثقافية والشبابية، ويأتي في مقدمة إنجازاته الملعب المعشب لكرة القدم، الذي أصبح اليوم من أبرز المركّبات الرياضية بالشمال الغربي.
إنّ الحديث عن السيد حسن المرداسي هو حديث عن جيل من الإطارات الوطنية التي اشتغلت بصمت وكفاءة ونكران ذات. نذكره اليوم بكل فخر واعتزاز، اعترافًا بما قدمه لوطنه عامة ولولاية جندوبة خاصة من خدمات جليلة، ستظل شاهدة على فترة مفصلية من تاريخ الجهة.
الناصر البوسامي

