تتضافر الجهود بولاية جندوبة من أجل إعادة إحياء زراعة اللفت السكري، حيث تعمل مختلف الهياكل الفلاحية، وفي مقدمتها الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بجندوبة، على بعث هذه الزراعة الصناعية الاستراتيجية التي لعبت، إلى وقت غير بعيد، دورًا محوريًا في تنمية القطاع الفلاحي بالجهة.
وتكتسي زراعة اللفت السكري أهمية خاصة لكونها تساهم في المحافظة على خصوبة التربة من خلال اعتماد التداول الزراعي، فضلًا عن دورها في توفير مادة علفية هامة للماشية، إلى جانب إنتاج الخميرة ومشتقات صناعية أخرى ذات قيمة اقتصادية.
غير أن هذه الزراعة شهدت تراجعًا حادًا وتوقفًا شبه كلي منذ توقف نشاط المركب السكري ببن بشير، وتخلي الدولة عن الدعم المسند لمزارعي اللفت السكري، إضافة إلى النقص المسجل في الموارد المائية بالسدود، وهو ما انعكس سلبًا على آلاف الفلاحين المرتبطين مباشرة أو بصفة غير مباشرة بنشاط المركب.
وأمام الحاجة الملحّة إلى إعادة بعث هذه الزراعة الصناعية، تبذل الدوائر المسؤولة جهودًا كبيرة تبشّر، إلى حدّ الآن، بنتائج إيجابية، حيث استجاب عدد هام من الفلاحين لحملات التحسيس والتأطير المكثفة التي تم تنظيمها، وذلك بالتعاون مع المركب السكري، من أجل العودة إلى زراعة اللفت السكري وفق أسس فنية واقتصادية مدروسة.
ويُذكر أن ولاية جندوبة كانت تتصدر المرتبة الأولى وطنيًا في زراعة اللفت السكري، على مساحة تناهز 3000 هكتار، وحقق بعض الفلاحين أرقامًا قياسية في الإنتاج تجاوزت 120 طنًا في الهكتار الواحد، في حين يقدّر المعدل العام للإنتاج بنحو 60 طنًا في الهكتار.
وقد لعب ديوان المناطق السقوية العمومية بجندوبة دورًا متميزًا في دعم هذه الزراعة، إلى جانب المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية. ويُذكر في هذا السياق العمل الكبير الذي قام به عدد من الإطارات الفنية، من بينهم المهندس الفلاحي السيد عبد العزيز عليّات، الذي ساهم بفاعلية في تطوير منظومة اللفت السكري قبل تعيينه رئيسًا مديرًا عامًا للمركب السكري، حيث شهدت الجهة في عهده حركية اقتصادية ونشاطًا فلاحيًا غير مسبوقين.
وإذ نُذكّر اليوم بهذه المرحلة الزاهية، فإن ذلك يأتي حتى لا ننسى حجم العمل الذي أُنجز آنذاك، ولكي يكون منطلقًا لبناء مستقبل أفضل لهذا القطاع الحيوي، وضمان ديمومته، والارتقاء به بما يخدم الفلاح والاقتصاد الجديد
الناصر البوسالمي

