
احيت فينا ابتسام لونيفي ذلك الفخر بتونس…
كيف نُشفى من حبّ تونس؟
تونس التي كلّما اعتقدنا أنها مرضت، تفاجئنا بقصص النجاح… ويُثبت لنا كل يوم أبناؤها وبناتها أن “الاستثناء التونسي” حقيقة لا شك فيها. اليوم ها أن بنت فرنانة تؤكد نجاح رهان تونس على مدرستها ورهانها على العلم ورهانها خاصة على تمكين المرأة التونسية من فرص النجاح العلمي والارتقاء الاجتماعي.
قصة الدكتورة ابتسام لونيفي جديرة بالانتباه، وحكايتها تروي مسيرة بنات تونس العميقة وابناء ريفها نحو مراتب العلم والمعرفة. قبل سبعين عاما لم تكن ظروف تونس تسمح لمثيلات الدكتورة ابتسام وقريباتها في تلك الارياف البعيدة بفكّ شفرة الخط ولا ارتياد المدرسة، كن سجينات الجهل والفقر وقيود المجتمع. واليوم تقف الدكتورة ابتسام لونيفي فخورة بما أنجزته، وتقول لنا “ليس النجاح مرتبطا بالذكاء بقدر ما هو مرتبط بالشغف والاصرار والعمل” وتؤكد أن المدرسة العمومية على علاتها تبقى من مفاخر الدولة الوطنية ومكاسبها.
تقف الدكتورة ابتسام لونيفي فخورة وتتكلم واثقة “أنجزت رسالة الدكتوراه سنة 2020 وتفرغت للبحث العلمي” وتضيف ” كنت طيلة مشواري الدراسي شغوفة بطلب المعرفة، تركيزي على كل مرحلة، الباكلوريا علوم تجريبية، ثم الإجازة ثم الماجستير فالدكتوراه واخيرا التفرغ للبحث… أكون سعيدة في المختبر” هكذا وببساطة قدمت الدكتورة مسيرتها. وبوضوح تام في الرؤيا تضيف أن كل حكايتها تكمن في ثلاث افكار، الشغف هو شرط الابداع والعمل شرط النجاح ورفض المستحيل شرط تحقيق الأهداف.
قدمت الدكتورة ابتسام لونيفي أربع براءات اختراع، وهي التي أثرت المكتبة العلمية باكثر من عشرين مقالا علميا محكما. وفتحت باختراعاتها بابا جديدا في مجال معالجة المياه المستعملة في صناعات النسيج. وتدور هذه البراءات حول صناعة انسجة جديدة متطورة تنتمي الى الجيل الجديد من الانسجة، التي لا تكتفي بمجرد تنظيف المياه المستعملة، بل تقوم بتنظيف المياه من اجل اعادة استعمالها فضلا على اعادة تدوير الاصباغ والالوان المستعملة واعادة استعمالها مرة ثانية. لا شيئ يضيع، كل شيء يتم رسكلته واستعماله، ولذلك تقول الدكتورة ابتسام لونيفي ” تندرج براءات الاختراع ضمن تصور أكبر من مجرد رسكلة المياه المستعملة، لتدخل ضمن الاقتصاد الدائري والمحافظة على البيئة، لذلك نحقق أهدافا اقتصادية بالضغط على التكلفة والبيئة بالمحافظة على البيئة”.
هذه النجاحات العلمية تفتح الباب أمام شراكات كبيرة يمكن للشركات في القطاعين العمومي والخاص الاستفادة منها، وتقول الدكتورة ابتسام لونيفي “هذه البراءات مثبته علميا ومسجلة وطنيا ودوليا، والمطلوب اليوم هو انجاز شراكات تصنيع لتجسيدها على أرض الواقع”.
هذا النجاح المفخرة لتونس وبناتها ومدرستها وشبابها لا يخفي بعض الحسرة التي عبرت عنها الدكتورة ابتسام لونيفي بخجل الريفية الاصيلة، فقد أشارت الى ” تحديات تشغيل الباحثين، والعقود الهشة التي يخضعون لها” وهو ما يجعل الكرة في ملعب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بدرجة اولى والدولة التونسية بدرجة أكبر، حيث عليهما الاهتمام اكثر بالباحثين الشبان وبمخابر البحث والزيادة في ميزانية البحث العلمي، خاصة وأن تقدم الشعوب اليوم يقاس فيما يقاس بعدد براءات الاختراع.
من ريف فرنانة أتت الحلول لمعالجة المياه المستعملة، ومن ريف فرنانة ترسم لنا ابتسام لونيفي طريق النجاح، فالشعوب تنجح بالعلم والعمل وبالايمان بقدرة ابنائها على الابداع…
شكرا بنت الجبال العالية،…
نحن فخورون بك.. وفخورون بنجاحاتك…