آفة الفقر والبطالة- السبب في مختلف المصائب التي تحل بالشاب - فيسعى جاهدا إلى طرق جميع الأبواب عسى يجد بابا ينقذه من شباك هاتين الآفتين لقد أصبح مستعدا لفعل أي شيء دون التفكير في العواقب مع انه يعلم مسبقا أن النتيجة لن تكن إيجابية وإن كانت فإنها ليست سوى مجرد "حقنة تسكين" ليس إلا . لكن إرادته المشحونة بالخصاصة والقهر أقوى بكثير مما ينتظره.
... كل الأبواب مقفلة، حصار يحيط به من كل مكان، أبواب الهجرة مقفلة أمام من ليس لهم تأشيرة عبور, فرص العمل تكاد منعدمة تماما…. وبينما هو يفكر في إيجاد منفذ يخلصه من هذا الحصار سرعان ما تخاطبه أمواج البحر وتدعوه ليركبها ربما تحمله لبر الأمان فبدون خوف ولا تردد يندفع كالسهم مخلفا وراءه عذاب أسرة بأكملها تعيش مفاجآت بالنهار تحملها إليها ألسنة تلتقط الأخبار أما ليلها فهي على موعد مع شبح الوهم الذي ما ينفك يرسم لها صورة ابنها وهو يصارع مصيره بعدما اختار طريق الهجرة الغير شرعية "الحرقان " التي أصبحت اليوم هاجس وأمل كل من أغلقت الدنيا أبوابها أمامه فتبكي فراق سندها وبداخلها نيران الحقد تشتعل كيف لا وقسوة الحياة والزمن هما السبب في ركوبه زورقا ليندفع به نحو الأعماق إما أن ينجو بأعجوبة وإما ان يكون وليمة للأسماك . فإذا ما نجي وكتب له عمر جديد فرح لأنه يعتقد ان الجنة فتحت أبوابها فيدخل ليجد أناس يحملون الحقد والكراهية لكل عربي هاجر بهذه الطريقة فسرعان ما تتحول دموع الفرح إلى دموع ندم وحزن على المجهول القادم فيقع ترحيله إلى حيث لا يعلم ليذوق أشد أنواع العذاب اللفظي والمعنوي حتى يلقى مصرعه ليعود إلى أرض الوطن جثة هامدة فيستقبله أهله في موكب من الحزن والأسى .
"ما يلزك على المر كان ما أمر منوا"
ريم الخماسي
